مفهوم الكون المتعدد هو نظرية ظهرت في مجال الفيزياء النظرية وعلم الكونيات. وبدلا من اعتبار كوننا واحدا ومعزولا، فإن فكرة الكون المتعدد تشير إلى وجود أكوان متعددة، لكل منها قوانينه الفيزيائية وشروطه الأولية. بعبارات بسيطة، يمكننا تصور معنى الأكوان المتعددة كمجموعة واسعة من الفقاعات أو المجالات، حيث تمثل كل فقاعة كونًا مستقلاً. تتعايش هذه الأكوان، لكن قد يكون لها خصائص أساسية مختلفة، مثل ثوابت فيزيائية مختلفة أو حتى أبعاد مكانية إضافية.
سنخبرك في هذه المقالة عن معنى الكون المتعدد وخصائصه وأهميته بالنسبة للعلم.
معنى الأكوان المتعددة
إن مفهوم الكون المتعدد، كما تم تصويره في العديد من الأفلام، بما في ذلك فيلم "دكتور غريب في الكون المتعدد للجنون"، يثير التساؤل حول مدى معقوليته. وإلى أي مدى يمكن اعتبار هذه الفكرة واقعية؟
هناك نظريات متعددة حول مفهوم الكون المتعدد. في عام 1895، كان عالم النفس ويليام جيمس أول من استخدم مصطلح "الأكوان المتعددة". ومنذ ذلك الحين تطورت الفكرة إلى فرضية علمية ثرية تقترح وجود أكوان متعددة، ولكل منها قوانينها الخاصة وخصائصها الفيزيائية الفريدة. على الرغم من قبولها على نطاق واسع، إلا أن جميع النظريات المتعلقة بالأكوان المتعددة لم يتم اختبارها بعد عن طريق التجربة وتظل موضوعًا رئيسيًا للبحث العلمي والجدل.
قدم الفيزيائي هيو إيفريت نظرية العوالم المتعددة في الخمسينيات من القرن العشرين، والتي أصبحت واحدة من النظريات الأكثر شهرة. تقترح النظرية أن الكون ينقسم إلى كونين متوازيين في كل مرة يتم فيها إجراء قياس كمي. في أحد هذه الأكوان، فنتيجة القياس واحدة، أما في الكون الآخر فالنتيجة عكس ذلك.
على الرغم من عدم وجود دليل تجريبي على النظرية، فقد تم استخدامها لإلقاء الضوء على بعض الجوانب الأكثر غرابة في فيزياء الكم، مثل التشابك الكمي والنفق. وفقا لنظرية التضخم الأبدي، شهد الكون فترة وجيزة من التوسع السريع، ويسمى عادة التضخم، بعد وقت قصير من الانفجار الكبير.
تفترض النظرية أن توسع الكون قد ولّد العديد من الأكوان الفقاعية، ولكل منها قوانينه الفريدة وخصائصه الفيزيائية. بدعم من خبراء مثل ستيفن هوكينج، يقترح مفهوم التضخم الدائم أن كوننا، عند النظر إليه على نطاق أوسع، يشبه كسورية لا نهائية، تتكون من العديد من أكوان الجيب المتميزة التي تفصلها مساحة واسعة من الفضاء التضخمي.
أهمية نظرية الأوتار في معنى الكون المتعدد
نظرية الأوتار هي إطار نظري للفيزياء يحاول التوفيق بين ركائز الفيزياء الحديثة، ميكانيكا الكم والنسبية العامة. ويفترض أن المكونات الأساسية للكون ليست جزيئات، بل هي كائنات أحادية البعد تعرف بالأوتار. تهتز هذه الأوتار بترددات مختلفة، مما يؤدي إلى خصائص مختلفة للجسيمات مثل الكتلة والشحنة. على الرغم من أنها لا تزال فكرة تأملية إلى حد كبير، إلا أن نظرية الأوتار قد ولدت اهتمامًا كبيرًا بين الفيزيائيين وعامة الناس نظرًا لقدرتها على تقديم تفسير موحد للكون في مستواه الأساسي.
يفترض مفهوم نظرية الأوتار أن الجسيمات دون الذرية، بما في ذلك الكواركات والإلكترونات، فهي ليست نقاطًا صغيرة منفردة، ولكنها أوتار متذبذبة صغيرة. هذه الحبال أصغر بكثير من أي شيء تم اكتشافه حتى هذه اللحظة.
تقترح نظرية الأوتار إمكانية وجود أبعاد أخرى بالإضافة إلى الأبعاد المكانية الثلاثة وبعدًا زمانيًا واحدًا نلاحظه في حياتنا اليومية. ويمكن ضغط هذه الأبعاد الإضافية أو تجميعها إلى مقاييس صغيرة، مما يجعلها غير مرئية للعين المجردة. لكن، لا يزال لديهم تأثير على صفات الجزيئات والقوى المؤثرة عليها.
وتفترض النظرية أن هناك 11 بعدًا على وجه التحديد. ووفقا لهذه النظرية، تتفاعل الجاذبية الفائقة مع الأغشية الموجودة ضمن نطاق من الأبعاد، على وجه التحديد بين 2 و 5 الأبعاد.
المعنى الضمني لهذه الفكرة هو أنه قد يكون هناك عدد لا يحصى من الأكوان المتوازية، ولكل منها درجات متفاوتة من التشابه مع كوننا. قد تختلف بعض هذه الأكوان في نواحٍ بسيطة، بينما قد يوجد البعض الآخر بما يصل إلى 4 أو 5 أبعاد.
وجود الأغشية
ويشير المجتمع العلمي إلى هذه المستويات البديلة للوجود باسم "الأغشية" أو "الأغشية". توفر هذه النظرية أيضًا تفسيرًا لقوة الجاذبية المنخفضة نسبيًا. الجرافيتون الذي وهو الوسط الذي تعمل من خلاله الجاذبية، ولا يمكنه المرور إلا بين الأغشية. ونتيجة لذلك، تتناقص قوة الجرافيتون أثناء مروره من خلاله، مما يؤدي إلى ضعف قوة الجاذبية المرصودة.
اقترح بعض المنظرين مفهوم أن الثقوب السوداء بمثابة بوابات إلى أكوان بديلة. وفي حين أن الفكرة مثيرة للجدل، فإنها تشير إلى أن هذه الظواهر الفلكية يمكن أن تؤدي إلى عوالم مختلفة تماما.
وقد اقترح الخبراء فكرة وجود ثقب أسود إنها ليست مجرد قوة جاذبية تحبس كل شيء ضمن جاذبيتها. يقترحون أنه يمكن أن يكون بمثابة بوابة إلى عالم أو بعد آخر. يشير هذا المفهوم إلى أنه عندما تقترب المادة من أفق الحدث للثقب الأسود، فإنها تنقسم إلى مكونين متميزين: أحدهما يغوص في الثقب الأسود والآخر يبقى وراءه.
يتم امتصاص المواد التي تدخل الثقب الأسود ولا يمكن ملاحظتها مرة أخرى. ومع ذلك، فإن المواد المتبقية خارج الثقب الأسود محاصرة في أفق الحدث. ووفقا لهذه الفرضية، ويمكن نقل هذه المادة إلى كون أو بعد آخر.
على الرغم من أن هذه المفاهيم تخمينية إلى حد كبير وغير عملية للتحقق منها تجريبيا، إلا أنها تعمل على بناء سبل البحث الممكنة. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تسهل إنشاء أفلام استثنائية مثل "كل شيء مرة واحدة وفي كل مكان".
آمل أن تتمكن من خلال هذه المعلومات من معرفة المزيد عن معنى الكون المتعدد وخصائصه.