بالنظر إلى التوقعات الجوية الأخيرة التي صدرت في الأيام الأخيرة، إحدى عشرة مقاطعة إسبانية تم وضعهم في حالة تأهب بسبب الأمطار الغزيرة والعواصف التي تؤثر على مناطق مختلفة من البلاد. وتم الإبلاغ عن عواصف شديدة بشكل خاص في مقاطعات قادس وملقة وفالنسيا وتاراغونا. جميع التحذيرات الصادرة تحمل مستوى "أصفر"، وهو ما يشير إلى خطر هطول أمطار غزيرة للغاية. ومع ذلك، تم رفع مستوى التنبيهات لمدن قادس وملقة وتاراغونا وفالنسيا إلى "البرتقالي"، مما يعني أن هناك مخاطر أكبر على السكان.
وفي قادس، أدت الأمطار الغزيرة إلى إعاقة حركة المرور على العديد من الطرق بشكل كبير. وقد تسببت الفيضانات الناتجة أضرار كبيرةمما أدى إلى إغلاق العديد من الطرق في شبكة الطرق بالمنطقة. يمكن مقارنة شدة هذه الأمطار بالأمطار التاريخية التي تسبب أضرارًا جسيمة فيضانات في فالنسيا.
وقعت حادثة مأساوية في كونيل دي لا فرونتيرا (قادس)، حيث عُثر على رجل يبلغ من العمر 54 عامًا وافته المنية بعد أن حوصر داخل الجرار الذي كان يعمل عليه. وقعت هذه الحادثة في مزرعة، وبحسب تصريحات رئيس بلدية كونيل، خوان بيرموديز، فإن هذا الحدث لا علاقة له بالفيضانات التي تشهدها البلدية.
بالإضافة إلى ذلك، تم العثور على امرأة اختفى بعد أن جرفت مياه الفيضانات السيارة التي كان يستقلها. وكانت المرأة تسافر من سانت لورنس دورتونز في برشلونة، وتسببت الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات جرفت العديد من السيارات. ولحسن الحظ، تمكن رجل كان معها من الخروج من السيارة بعد اصطدامها بشجرة؛ كان قادرًا على التشبث بغصن شجرة والهروب عبر النافذة.
ويشارك عدد كبير من أفراد الأمن والطوارئ بشكل نشط في البحث عن هذه المرأة. ومن بينهم رجال الإطفاء، وطائرة هليكوبتر، وأعضاء من مجموعة العمليات الجبلية الخاصة، والعمليات تحت الماء، ومجموعة البحث بالكلاب، بالإضافة إلى أعضاء من موسوس ديسكوادرا (الشرطة الكاتالونية)، والشرطة الريفية، ومتطوعي الحماية المدنية.
في هذه الأثناء، في مدينة فيخير (قادس)، أصبح مئات الأشخاص معزولين نتيجة الفيضانات. واجهت أجهزة الأمن والطوارئ صعوبات في العمل بشكل طبيعي، ما دفع إلى اتخاذ قرار فتح المركز الرياضي البلدي كمأوى للعائلات التي تم إجلاؤها من منازلها. وقد أبرز هذا الوضع مدى الحاجة الملحة إلى اتخاذ تدابير لمعالجة تعرض إسبانيا لخطر تغير المناخ، على النحو المفصل في تدابير التكيف مع تغير المناخ.
وفي منطقة مورسيا، أنقذ أحد رجال الإطفاء رجلاً انحشرت سيارته على الطريق، وهو ما يسلط الضوء على خطورة الوضع الذي يواجهه العديد من الأشخاص في هذه المناطق.
مع استمرار هطول الأمطار، يظل الوضع في العديد من المجتمعات المستقلة حرجًا. ال وكالة الأرصاد الجوية الحكومية (AEMET) وأصدرت تنبيهات تغطي مناطق مثل الأندلس، وقشتالة وليون، وقشتالة لا مانشا، وإكستريمادورا، ومنطقة مورسيا، والمجتمع الفالنسي. وفي هذه المناطق، تحذر مقاطعات أفيلا وسالامانكا وكاسيريس من هطول أمطار قد تصل إلى 40 لتر لكل متر مربع في فترة 12 ساعة.
وفي الأندلس، تحتفظ مقاطعات قادس وقرطبة وغرناطة وجيان وملقة وإشبيلية بتنبيهات بشأن هطول الأمطار التي يمكن أن تتراكم حتى 15 لترًا في ساعة واحدة فقطأو 40 لترًا في 12 ساعة. كما تم تسجيل تنبيهات خاصة في ألميريا وقادس وملقة وغرناطة وجيان بشأن الرياح القوية وظروف البحر الهائجة، مع أمواج يمكن أن تصل إلى 4 متر عالية.
ويبدو الوضع في قادس وقرطبة وإشبيلية أكثر إثارة للقلق، إذ من الممكن أن تصاحب الأمطار الغزيرة عواصف. بينما في كاستيا لا مانشا، فإن مقاطعة ألباسيتي فقط هي التي تخضع للتحذير الأصفر بسبب هبات الرياح التي قد تصل إلى 70 كم / ساعة. وبالمثل، فإن منطقة مورسيا ومقاطعة أليكانتي أيضًا في حالة تأهب للرياح الجنوبية الغربية التي تصل سرعتها إلى 60 كم / ساعة وأمواج يصل ارتفاعها إلى ما بين مترين إلى ثلاثة أمتار.
إضافة إلى الأضرار المادية، أدت هذه الأمطار الغزيرة إلى مآسي إنسانية. وفي قضية دانا الأخيرة، تم الإبلاغ عن عدد كبير من المصابين والمفقودين. وتشير التقديرات إلى أن الأمطار الغزيرة تسببت في وفاة ما لا يقل عن 220 أفراد، وهو رقم قابل للزيادة مع استمرار جهود البحث في الشوارع والطرق التي لا تزال مغلقة بالمياه والطين.
وتعتبر هذه الكارثة الإنسانية واحدة من أسوأ الكارثة التي شهدتها إسبانيا منذ عام 1962، عندما تسببت الفيضانات في منطقة فاليس في كتالونيا في مقتل ما يقرب من ألف شخص. ويحذر خبراء مثل خوسيه أنخيل نونيز، رئيس قسم علم المناخ في وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية (AEMET) في فالنسيا، وخورخي أولسينا، عالم المناخ في جامعة أليكانتي، من أن مثل هذه المواقف لا ينبغي أن تحدث في دولة متقدمة لديها الموارد الكافية لمنع مثل هذه الكوارث.
هناك أسباب متعددة وراء حجم هذه المأساة. أولا، تجاوزت كمية الأمطار الاستثنائية المسجلة المستويات التاريخية في البلاد. في مقاطعة فالنسيا، على سبيل المثال، يصل عدد 500 لتر من الماء لكل متر مربع، وهو رقم يوضح مدى خطورة الظاهرة الجوية. ولكي نفهم بشكل أفضل كيفية التصرف في مواجهة هذا النوع من الأحداث المتطرفة، يمكنك الرجوع إلى القسم ذي الصلة.
يقول خوسيه ماريا بودوكي، الباحث المتخصص في تقييم مخاطر الفيضانات في جامعة كاستيا لا مانشا: "سرعان ما أدى هطول الأمطار إلى تشبع التربة، مما أدى إلى حدوث فيضانات مفاجئة في الجداول ومجاري الأنهار والوديان". لقد أدت السرعة التي حدثت بها هذه الفيضانات إلى الحد بشكل كبير من وقت استجابة خدمات الطوارئ.
وهناك عامل آخر ساهم في هذه المأساة وهو الافتقار إلى الرؤية المستقبلية. ورغم أن وكالة الأرصاد الجوية الأسترالية رفعت مستوى التأهب إلى أعلى فئة، فإن السلطات لم تتخذ أي تدابير استثنائية. وقد صدرت التحذيرات في وقت متأخر للغاية، وبحلول الوقت الذي أرسلت فيه الحماية المدنية رسائل تنبيه إلى السكان، كانت المياه قد بدأت بالفعل في الفيضانات في عدة مناطق، مما أدى إلى محاصرة العديد من الناس. ومن المهم أن يتم اتخاذها التدابير المناسبة لمعالجة هذه المواقف المتطرفة.
لقد أدى عدم اتخاذ إجراءات الإخلاء والسلامة إلى تعريض السكان للخطر، مما أدى إلى سقوط العديد من القتلى. وبينما يحتدم الجدل حول من يتحمل المسؤولية عن عدم استجابة الحكومة، يعتقد الخبراء أن الوضع كشف عن عيوب في نموذج الدولة المستقلة في إسبانيا، والذي لا يتلاءم مع حالات الطوارئ بهذا الحجم. وخاصة في سياق تغير المناخ، حيث من المتوقع أن تصبح الأحداث من هذا النوع أكثر تواترا، كما ذكر في فيضانات هائلة في أوروبا.
وكان التوسع الحضري العشوائي على ساحل البحر الأبيض المتوسط عاملاً آخر أدى إلى تفاقم الأضرار. وتشير التقارير إلى أن البناء في المناطق المعرضة للفيضانات، إلى جانب النمو السكاني السريع، أدى إلى زيادة تعرض السكان للخطر. وفي مدن مثل تشيفا، تم بناء أحياء بأكملها في مناطق معرضة للفيضانات، على الرغم من التحذيرات بشأن المخاطر التي ينطوي عليها ذلك. إن قضية التوسع الحضري غير المنضبط هي إحدى المشاكل التي سيتم تناولها في معركة إسبانيا ضد تغير المناخ.
ويلعب تغير المناخ أيضًا دورًا أساسيًا في شدة وتواتر هذه الظواهر. وقال عالم المناخ أولسينا إن المنخفضات الجوية المعزولة عالية المستوى، والمعروفة عادة باسم دانا، أصبحت أكثر حدة بسبب ارتفاع درجات الحرارة في المحيط الأبيض المتوسط، مما يساهم في تكوين سحب أكثر كثافة ومزيد من الأمطار.
مع تقدم العاصفة على مدى الأيام القليلة المقبلة، من المتوقع أن يستمر ضعف العاصفة دانا، لكن التحذيرات ستظل سارية المفعول. يجب على الجمهور الانتباه إلى المعلومات التي تقدمها AEMET واتباع توصيات السلطات للبقاء آمنًا.
إن الوضع في مناطق مثل الأندلس ومنطقة فالنسيا حرج للغاية، وتبذل خدمات الطوارئ والجيش الإسباني جهودا كبيرة للتخفيف من التأثير. ومع ذلك، فإن التعافي سيستغرق وقتا وسيتطلب مراجعة شاملة لسياسات التخطيط الحضري وإدارة الطوارئ في البلاد. لمزيد من التحليل المتعمق مستقبل هذه السياساتومن المستحسن أن نستعرض الفيضانات وتأثيراتها المستقبلية في إسبانيا.
ولا يزال السكان يعانون من عواقب هذه الأمطار المدمرة، لذا فمن الضروري أن تستمر جهود البحث وأن يتم تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين. وأصبح التضامن بين المواطنين واضحا حيث قرر الكثيرون التوجه سيرا على الأقدام إلى التبرع بالإمدادات الغذائية ومساعدة أولئك الذين فقدوا ممتلكاتهم.
ورغم الظروف الجوية القاسية، يتحد المجتمع لمواجهة الوضع، في حين تعمل السلطات على إعادة الحياة إلى طبيعتها في المناطق الأكثر تضررا. إن مراقبة المناخ بشكل مستمر والاستعداد لحالات الطوارئ المستقبلية هي خطوات ضرورية لسلامة ورفاهية السكان في المستقبل، وخاصة في سياق أصبحت فيه أحداث هطول الأمطار الغزيرة أكثر شيوعًا.
وتؤكد هذه الأحداث المتطرفة على أهمية الاستجابة السريعة والفعالة لحالات الطوارئ، فضلاً عن الحاجة الملحة لمعالجة تغير المناخ وآثاره على المجتمعات الضعيفة. وينبغي أن نسترشد بالدروس المستفادة من هذه المأساة في إعداد سياسات أكثر فعالية وتنفيذ أنظمة الإنذار المبكر لتقليل المخاطر المستقبلية. إن تنفيذ نظام تنبيه مناسب يعد أمرا ضروريا، كما ذكر في .
ومن الضروري أن يعمل المجتمع والسلطات معًا لمنع الكوارث المستقبلية من خلال تعزيز البنية التحتية وتحسين التخطيط الحضري في المناطق المعرضة للفيضانات، ورفع الوعي بشأن إدارة المخاطر، وضمان حصول السكان على المعلومات الجيدة والاستعداد لمواجهة أي أحداث جوية سلبية قد تحدث في المستقبل.