يعد ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية ظاهرة مثيرة للقلق الشديد اليوم بسبب تداعياتها على المناخ العالمي واستقرار كوكبنا. وقد أظهرت الأبحاث الحديثة كيف يتم تسريع هذه العملية من خلال ظاهرة الاحتباس الحراريمما أدى إلى تفكك الجروف الجليدية الكبيرة مثل الجرف الجليدي لارسن سي. بفضل البيانات التي تم الحصول عليها بواسطة الأقمار الصناعية، أصبح من الممكن قياس حركة وتغير أحجام الأنهار الجليدية، مما يوفر معلومات حيوية لفهم كيفية تأثير الذوبان على القارة القطبية الجنوبية وبقية الكوكب. للحصول على رؤية أوسع لهذه الظاهرة، يمكنك القراءة عن اختلال التوازن في تكوين السحب.
في الآونة الأخيرة، لفت حدث مهم انتباه المجتمع العلمي: انفصال أكبر جبل جليدي في التاريخ المسجل، والمعروف باسم A68انفصل هذا الجبل الجليدي عن جرف لارسن سي الجليدي. يبلغ حجم هذا الجبل الجليدي ضعف حجم لوكسمبورغ تقريبًا، لوضعه في المنظور الصحيح. منذ انفصالها، بدأت A68 في الابتعاد عن الجرف الجليدي، وأظهرت صور الأقمار الصناعية تشكل جبال جليدية أخرى أصغر حجماً نتيجة لهذه الظاهرة.
خلال فصل الشتاء في القارة القطبية الجنوبية، يكون ضوء الشمس نادرًا، مما يجعل من الصعب دراسة تطور الجبل الجليدي A68. للتحقق من سلوكهم، يجب على العلماء استخدام الأقمار الصناعية ذات قدرات الرؤية بالأشعة تحت الحمراء. أحد الأهداف الرئيسية لهذه الدراسات هو تحديد ما إذا كان انكسار لارسن سي قد تسبب في عدم الاستقرار في أجزاء أخرى من الجرف الجليدي في القارة القطبية الجنوبية. علاوة على ذلك، من الأهمية بمكان أن نفهم كيف سيتصرف الجبل الجليدي A68 مع انخفاض حجمه واستمرار انجرافه. ومن الممكن أن يصبح احتمال حدوث ذلك مثيرا للقلق بشكل متزايد.. ومن ناحية أخرى، كانت ظاهرة الرياح الدافئة التي يمكن أن تؤدي إلى انهيار الجرف الجليدي لارسن سي موضوعًا للدراسة، كما ذكر في موجات كلفن التي تعمل على تسريع الذوبان.
إذا انفصل جرف جليدي عن قاع البحر، سواءً بسبب استمرار الترقق أو انفصال جليديّ، فقد يؤدي ذلك إلى تسارع كبير في سرعة تدفق الجليد، وربما يُسبب المزيد من عدم الاستقرار. يبدو أن قصة لارسن سي لم تنتهِ بعد، كما أوضح الدكتور هوغ في مقال نُشر في مجلة طبيعة تغير المناخ.
كما أن تأثير الذوبان وقد لوحظ أنه على الرغم من أن هذا لن يسبب ارتفاعًا كبيرًا في مستوى سطح البحر في جميع أنحاء العالم، إلا أنه يثير مخاوف جدية بشأن استقرار الجرف الجليدي وسلوك الأنهار الجليدية التي تقع خلفه. قد تكون هذه الظاهرة مرتبطة بـ انخفاض الجليد في المنطقة بنسبة 25% وتأثيرها على تغير المناخ العالمي.
ومن أجل توفير سياق أوسع، تم إجراء تحليل شامل للظروف المناخية والجغرافية في القارة القطبية الجنوبية. بين عامي 1980 و1995، تم تسجيل العديد من أحداث الانهيار الجليدي في المنطقة، وكان أبرزها انفصال 14% من جرف لارسن أ الجليدي في عام 1980، بالإضافة إلى المزيد من الانكسارات على جرف لارسن ب في عام 2002. وقد أوضحت هذه الأحداث أن الاحتباس الحراري في القارة القطبية الجنوبية إنها ليست ظاهرة معزولة، وتتغير وتيرة وحجم الانهيارات الأرضية. . ومن ثم فإن تأثير ذوبان بركاني لارسن سي أعمق مما قد يتصوره البعض.
علاوة على ذلك، كانت ظاهرة الرياح الدافئة التي يمكن أن تؤدي إلى انهيار الجرف الجليدي لارسن سي موضوعًا للدراسة. وأشار باحثون في جامعة ميريلاند إلى أن ارتفاع درجة حرارة سطح الثلج والجليد أدى إلى تسريع تفكك الجرف، مما يشكل خطرا خطيرا على الكوكب. هموم على استقرارها. وفي هذا السياق، من الضروري مواصلة البحث في هذا المجال. التأثير المحتمل للبراكين في القارة القطبية الجنوبية.
مع استمرار تغير المناخ واستمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، حاجز لارسن سي تصبح أكثر عرضة لأحداث الاضطراب المستقبلية. إن المجتمع العلمي متنبه بشكل خاص لإمكانية انفصال جبال جليدية كبيرة أخرى في السنوات القادمة، وهو ما من شأنه أن يشير إلى تغيير مثير للقلق في ديناميكيات الأنهار الجليدية في المنطقة. وقد تصبح هذه العملية غير قابلة للعكس إذا لم يتم اتخاذ التدابير المناسبة..
بمساعدة التكنولوجيا المتقدمة واستخدام صور الأقمار الصناعية، تم توثيق كيف نما الشق الذي أدى إلى جبل الجليد A68 بمرور الوقت وكيف يمكن أن يؤدي هذا الوضع إلى تغييرات عميقة في النظام البيئي البحري للمنطقة. ومن المتوقع أن يؤدي ذوبان الجرف الجليدي لارسن سي إلى إطلاق كميات كبيرة من المياه العذبة في المحيط، مما يؤثر على الملوحة والتيارات المحيطية، وكذلك الموائل البحرية التي تعتمد على الظروف المستقرة. لفهم هذه التأثيرات بشكل أفضل، يوصى بالقراءة عن تشكل البحيرات الزرقاء في القارة القطبية الجنوبية.
ومن ناحية أخرى، لا يقتصر ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية على تفكك الجروف الجليدية. لاحظ العلماء أن تغير الظروف المناخية تسبب في تشكل برك من المياه الذائبة على سطح الجرف الجليدي، مما يضع ثقلاً على البنية ويؤدي إلى عدم استقرار أكبر داخل الجرف الجليدي. هذه الظاهرة مرتبطة بـ طريقة ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية.
واحدة من التأثيرات الأكثر إثارة للقلق السبب الرئيسي لهذه الظاهرة هو ارتفاع مستوى سطح البحر، والذي يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على المدن الساحلية والمناطق المأهولة بالسكان في جميع أنحاء العالم. تشير التوقعات إلى أنه إذا استمر ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية بهذا المعدل، فقد يرتفع مستوى سطح البحر بشكل كبير، مما قد يؤدي إلى فيضانات في المناطق المكتظة بالسكان. يرتبط هذا الوضع بتأثيرات تغير المناخ في جميع أنحاء الكوكب.
ويؤثر فقدان الجليد في القارة القطبية الجنوبية بشكل غير مباشر على النباتات والحيوانات في القارة. بدأت الأنواع التي تعتمد على الجليد، مثل البطاريق، تظهر عليها علامات الإجهاد. وشهدت طيور البطريق أديلي، على وجه الخصوص، تراجع مستعمراتها في المناطق التي ارتفعت فيها درجات الحرارة وأصبحت الجروف الجليدية غير مستقرة. وهذا يثير معضلة للحفاظ على هذه الأنواع، حيث أن موطنها وقدرتها على التكاثر مهددة. بالإضافة إلى ذلك، من المهم التحقيق كيف يؤثر تغير المناخ على طيور البطريق.
بالإضافة إلى المخاوف بشأن ارتفاع مستويات سطح البحر والحياة البحرية، فإن تفكك الجروف الجليدية مثل لارسن سي يجلب أيضًا تداعيات جيوسياسية. وقد أدى البحث عن طرق شحن جديدة بسبب ذوبان الجليد إلى تجدد الاهتمام بالمنطقة، مما جذب انتباه الدول في جميع أنحاء العالم التي ترى أنتاركتيكا ليس فقط كمنطقة بحرية، بل أيضًا كمركز اقتصادي. نظام بيئي هش، ولكن أيضًا كمنطقة محتملة لاستغلال الموارد.
وهناك جانب حاسم آخر يتمثل في المراقبة المستمرة للجرف الجليدي وتغيراته. مشروع ميداس، على سبيل المثال، مبادرةٌ مُخصصةٌ لرصد وتوثيق سلوك الصدع على جرف لارسن سي الجليدي. ومع تطور التكنولوجيا والتعاون الدولي، تُقدم هذه الدراسات رؤيةً أوضح للتغيرات في أنتاركتيكا وكيف يُمكن أن تؤثر على بقية العالم.
ومع استمرار العلماء في دراسة الوضع في القارة القطبية الجنوبية وديناميكيات رفوفها الجليدية، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن هذه ليست مجرد ظاهرة محلية، بل إن استقرار نهر لارسن سي وغيره من الأنهار الجليدية في القارة القطبية الجنوبية له تأثيرات على المناخ العالمي تتجاوز الحدود الجغرافية بسرعة. ومن ثم، فمن الضروري أن يتعاون المجتمع الدولي لفهم ومعالجة التحديات التي يفرضها تغير المناخ والعمل على إيجاد حلول تضمن استدامة أنظمتنا البيئية.